نظرًا لما تتمتع به كل لغة من خصوصية ثقافية وما يستتبع ذلك من اختلافات ثقافية بين لغة المصدر ولغة الهدف عند الترجمة بين لغتين، وما قد يواجهه المترجم من الصعوبات اللغوية والإشكاليات الترجمية والعقبات الثقافية عند الترجمة، فقد تسفر العديد من هذه الاختلافات والصعوبات والإشكاليات والعقبات عن الكثير الطرائف والنوادر الترجمية، ومن هنا رأى الدكتور خالد توفيق أن يفرد لهذه النوادر كتابًا يجمع بين دفتيه أبرزها وأشهرها من واقع خبرته العملية الطويلة التي اكتسبها في حقل الترجمة ليمتعنا بها في كتابه "نوادر الترجمة والمترجمين".
منهج الكتاب
يلقي الكاتب الضوء على العديد من نوادر الترجمة التي مر بها
ويحلل أسباب الطرافة فيها لتكون خير تسلية علمية وعملية للقارئ.
استعراض لفصول الكتاب
يبدأ الفصل الأول من الكتاب بتوضيح تلك العلاقة الأبدية بين
الترجمة والثقافة باعتبار الترجمة عملية لا تقتصر في جوهرها على النقل اللغوي فقط
بل تتضمن النقل الثقافي كذلك مستشهدًا بنصوص مختلفة كان الاختلاف الثقافي هو
الباعث على طرافة ترجماتها، وفي الفصل الثاني نجد من الترجمة الحرفية والالتزام
الحرفي في الترجمة ما يدفع بالمترجم إلى الوقوع في كوارث ترجمية حين يترجم كل ما
تقع عليه عيناه حرفيًا بصرف النظر عن المعنى، ونرى في الفصل الثالث العديد من
الأخطاء الشائعة والقاتلة التي رسخت في أذهان العديد من المترجمين حتى أضحت
متداولة وشائعة بين العامة على ما بها من أخطاء ومغالطات علمية بعيدة كل البعد عن
الحقائق المنطقية، وفي الفصل الرابع نجد الطرفة والنادرة تنبع عند الترجمة من
اختلاف اللهجات بين أبناء اللغة الواحدة نظرًا لاختلاف مدلولات بعض الكلمات ومعانيها
في بعض البلدان التي تتحدث اللغة الأم المشتركة نفسها ويضرب الكتاب أمثلة متنوعة
على ذلك من اللغتين العربية والإنجليزية، وفي الفصل الخامس يسوق الكاتب بعض
الطرائف والنوادر والكوارث التي تسبب فيها المترجمون في الترجمة السياسية، ويأتي
الفصل السادس بالنوادر والطرائف المرتبطة بترجمة التعبيرات المستحدثة حين يغفل
المترجم عن متابعة الأحداث المتسارعة والتغييرات الكبرى التي يشهدها العالم في شتى
مجالات الحياة فلا ينتبه للتفاصيل الدقيقة في ترجمة تلك التعبيرات المستجدة، ويعرض
في الفصل السابع الطرائف التي تنشأ من الصعوبات التي قد يواجهها المترجم عند ترجمة
الأفلام والمسلسلات والمسرحيات حين يكون غير متخصص في هذا النوع من الترجمات أو
يطرقه لأول مرة، وفي الفصل الثامن والأخير يعرض المؤلف لأمثلة متفرقة لا يجمعها
عنوان واحد وإن كانت تجمع بينها الندرة والطرفة.
سطور من الكتاب
"الاختلافات الثقافية التي تؤدي لطرائف ونوادر في الترجمة
لا تقتصر على الكائنات، ولكنها تمتد لبعض الموجودات والظواهر الطبيعية التي تختلف
إيحاءاتها تمامًا، ولعل أهم هذه الموجودات هو القمر؛ فالقمر في ثقافتنا العربية هو
رمز الجمال المُطلق، ولعل اتخاذ القمر كرمز للجمال له تفسير بيئي؛ فالإنسان العربي
البدوي الأصيل الذي كان يعيش في الصحراء الواسعة، لم يكن له أنيس في ظلمة الليل
إلا القمر، فكان من الطبيعي أن يكون القمر هو المثل والرمز الذي يُضرب به المثل في
الجمال، ولكن الأمر يختلف اختلافًا جوهريًا في اللغة الإنجليزية؛ لأن القمر فيها
رمز للتقلب والتغير المزاجي؛ فيقال في الإنجليزية
"as changeable as the moon" وترجمتها (متقلب المزاج
كالقمر)، وتكمن المشكلة عند الترجمة في تشبيه أحد في اللغة العربية بأنه جميل
كالقمر؛ لأن هذا التشبيه لو تُرجم حرفيًا لن يؤدي معناه في اللغة الإنجليزية؛ لأن
الزهور فيها هي رمز الجمال؛ وهذا ما يشرح لنا سبب التعبير عن الجمال في الإنجليزية
بزهرة الأوركيد لعدم وجودها في بيئتنا العربية أو عدم شيوع اسمها؛ فيُقال: "as beautiful as
orchid".
بطاقة التعريف بالكتاب
الكتاب: نوادر الترجمة والمترجمين
الكاتب: د./ خالد توفيق
عدد الصفحات: 166
الناشر: دار هلا للنشر والتوزيع
تاريخ النشر: 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق