الأحد، 30 يناير 2022

موسوعة فقه الترجمة

نبذة عن الكتاب

كتاب موسوعي جمع فيه مؤلفه الدكتور/ خالد عبد العزيز عثمان بين النظرية والتطبيق؛ حيث عُرف عنه حديثه المتخصص في الترجمة إلى جانب إلمامه بتاريخها في التراث الإسلامي..  يُقدِّم للجزء الأول منه الباحث مجدي عبد العزيز صالح قائلًا: "مؤلفه فارس في ميدان الترجمة، وهذا لإلمامه بتاريخها في تراث المسلمين، ويمتعك بالجديد دومًا، ولقد قرأت الكتاب خمس مرات وما زلت أفيد منه في كل قراءة، فجزاه الله خيرًا وزاده الله علمًا ونفع به الإسلام والمسلمين"، ويقدِّم للجزء الثاني منه الأستاذ الدكتور أشرف منصور قائلًا: "إن موسوعة "فقه الترجمة" عمل بذل فيه المؤلف جهدًا وفيرًا مضنيًا لا يسعني إلا أن أشكره عليه شكرًا جزيلًا، وهي بلا شك إضافة ضخمة ورائعة للمكتبة العربية، وستظل مرجعًا من المراجع الرئيسة لكل مَنْ يريد أن ينهل من علم الترجمة، وأن يستفيد منه، والموسوعة ثرية جدًا بالمعلومات الوفيرة في مجال الترجمة، وهي دراسة ممتعة للغاية، أرجو من الله العلي القدير أن يثيب مؤلفها خير الجزاء".

منهج الكتاب

تأتي موسوعة "فقه الترجمة" في جزأين" ويعد الجزء الأول منها بحثًا شاملًا مستفيضًا في الجانب النظري عن الأصول الأولى للمدرسة العربية والإسلامية في الترجمة والتعريب وأهدافها وأهم مبادئها وأركانها الأساسية بتتبع المراحل التاريخية المختلفة لحركات الترجمة والتعريب منذ مجيء الإسلام وحتى اليوم مع إبراز المعالم الأساسية التي ميَّزت كل مرحلة وظروف نشأتها وتطورها وعوامل ازدهارها ونهضتها مسلطًا الضوء على دور المسلمين العرب في تلك النهضة الترجمية ثم أسباب تراجعها وضعفها معقبًا بالنتائج المترتبة على كل هذا، بينما يُعد الجزء الثاني دراسة علمية حديثة مستفيضة في الجانب التطبيقي من الترجمة تتناول تأصيل قواعد الترجمة وثوابتها بوصفهًا علمًا أكاديميًا مستقلًا مع شرح تعليمي ومنهجي لأنواع النقل وطرائق الاتصال بين اللغات، والهدف من هذ الجزء حث القارئ والباحث والمترجم العربي من باب أولى على أن يثور على التخلف الذي قبع على صدور الأمة العربية في هذا العلم بمثل هذه الدراسات.

استعراض لأجزاء الكتاب وفصوله

يأتي الجزء الأول من الكتاب بعنوان "تاريخ التعريب والترجمة في المدرسة العربية الإسلامية" الذي صدرت طبعته الأولى في عام 2014 ليسد به المؤلف فراغًا متراكمًا عبر السنين لموضوع التعريب والترجمة في المكتبة العربية والإسلامية يبدأ في مقدمته بتعريف الترجمة وأنواعها ثم يلقي الضوء على تاريخ اللغة والثراء اللغوي في مصر الفرعونية وكيف مارس المجتمع المصري الثنائية اللغوية في حقبة الحضارة اليونانية القديمة قبل أن تطفئ الهجمة الرومانية على مصر شعلتها حتى مجيء الإسلام وقيام الحضارة العربية الإسلامية، ومن تلك المقدمة السريعة ينتقل بنا المؤلف إلى موضوع بحثه باستفاضة في ستة أبواب رئيسية تتضمن خمسة عشر فصلًا، ليحدثنا في الباب الأول عن نشأة التعريب والترجمة في الحضارة العربية الإسلامية وبدايات أنشطة الترجمة إلى العربية في عصر الدولة الأموية، وفي البابين الثاني والثالث يذكرنا بالعصر الذهبي للترجمة ونهضة التعريب والترجمة في العصر العباسي والتأسيس الحقيقي للمدرسة العربية الإسلامية لعلم الترجمة والنتائج المترتبة على هذا الازدهار وتلك النهضة، ويسهب في الباب الرابع بتفصيل أثر العوامل الداخلية والخارجية في عدم اكتمال النهضة العربية والإسلامية ودور الاستشراق الغربي في إعاقة تلك النهضة، ويحاول في الباب الخامس تعقب الحركة الثانية للنهضة العربية الإسلامية في التعريب والترجمة في العصر الحديث في مصر بعد قرون عجاف من الخمول والكسل والتراجع الحضاري، ثم يخصص الباب السادس والأخير لشرح الحاضر المهين على حد وصفه للترجمة والمترجمين في التاريخ العربي المعاصر من حيث أسبابه ونتائجه.

أما الجزء الثاني فيأتي بعنوان "علم أصول الترجمة" الذي صدرت طبعته الأولى في عام 2019 ويتناول فيه المؤلف العديد من جوانب علم الترجمة المتشعب ويبحث فيه بطريقة علمية منهجية تفصيلات علم الترجمة ودقائقه وأصوله الحديثة الثابتة وتطبيقاته وفروعه المتعددة، ومعبرًا فيه عن رأيه بصراحة في الأعمال التي ترجمها المترجمون العرب عبر العصور الماضية عن اللغات الإنجليزية والفرنسية وغيرهما من واقع دراسته لأساليب الترجمة وعلومها السليمة، وحين يعرض لنظريات الترجمة لا يكتفي بها بل يتناول تطبيقاتها بوصفهًا علمًا مستقلًا بذاته عن علوم اللغويات واللسانيات والأدب، ويقدم في هذا السياق بحوثًا دقيقة في معلوماتها حديثة في مناهجها حتى يستفيد منها الباحثون والمتخصصون المهتمون بشؤون التعريب والترجمة واللغات بوجهٍ عام، ولم يقف عند هذا الحد بل يقدم لنا إلمامة بموضوعات علوم اللغة العربية وقواعدها النحوية والصرفية والبلاغية وعلم الاتصالات والإشارات والتوصيل وعلم النفس اللغوي، كما يعالج حالات التقصير الواضحة في الدراسات والبحوث النظرية في علم الترجمة وفروعه وكذلك في معظم البحوث العربية التطبيقية ويعيب على المسلمين إهمالهم للترجمة العكسية ويقصد بها الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية الأخرى وترك هذا المجال لمدارس الاستشراق الغربي، ويوجه النقد اللاذع للفردية الذاتية في الترجمة وأسواق النشر ويرفض انتحال الأفكار في هذا المضمار.

يتألف الجزء الثاني من ثلاثة أبواب، وفي كل باب منها عدد من الفصول والمباحث، يفرد فيه الباب الأول الحديث عن قواعد علم أصول الترجمة وثوابته وضبط موضوعات الترجمة وتحديد مصطلحاتها وأنواع الترجمة الشفهية والتحريرية وفروعهما وعلاقة اللغات فيما بينها وبين النصوص في الترجمة التحريرية، ثم يوضح في الباب الثاني دور المترجم التحريري وطرائق الترجمة ومناهجها ويفصِّل الحديث عن مراحل التأهيل العلمي للمترجم التحريري ومراحل عمل المترجم التحريري وتعدد طرائق الترجمة التحريرية ومناهجها، وفي الباب الثالث يصف عملية النقل وإعادة الصياغة في تطبيقات الترجمة التحريرية موضحًا خصائص الألفاظ والمعاني في لغات الترجمة التحريرية وترجمتها ودور المكافئ ودور الأساليب والتقنيات في لغات الترجمة التحريرية.

سطور من الكتاب

"للمترجم أهداف وغايات من كل نص يترجمه كما أن للكاتب الأصلي أيضًا أهدافه وغاياته، ومن المفترض أن تتفق أهداف المترجم مع أهداف الكاتب الأصلي وإلا لتحدثنا عن خيانة وتشويه؛ فوظيفة المترجم ودوره يلعبان دورًا أساسيًا في إيصال مرادات النص الأصلي ومعانيه إلى القارئ المُستهدف من الترجمة كما أرادها الكاتب الأصلي إلى قرائه؛ فالمترجم هو المسؤول الأول والأخير عن الترجمة، وهو الذي يقرأ ليفهم أولًا، ثم يعيد صياغة ما فهم بلغة أخرى ليُفهم بها بلا رأي أو نقد أو تغيير في الأصل"

 

بطاقة التعريف بالكتاب

الكتاب: موسوعة فقه الترجمة

الكاتب: د./ خالد عبد العزيز عثمان

عدد الصفحات: 915 صفحة

دار النشر: مكتبة الآداب




السبت، 29 يناير 2022

كيف تترجم باحتراف

من الكتب التي لا تشعر معها بكللٍ أو ملل عند القراءة كتاب "كيف تترجم باحتراف" لمؤلفه الحسيني الحسيني معدي الذي يضع فيه مؤلفه الأسس والمبادئ والخطوات المنهجية اليسيرة والخطوط العريضة للترجمة الصحيحة التي لا يستغني عنها أي مثقف أو قارئ أو مهتم باللغة الإنجليزية عامة والترجمة خاصة.

منهج الكتاب

 يشرح الكتاب بأسلوب يسير دونما تعقيدٍ أو إسهابٍ أساسيات لا غنى عنها للمترجم قبل احترافه مهنة الترجمة.

استعراض فصول الكتاب

يأتي الكتاب في فصلين رئيسيين يزيَّله الكاتب بملاحق يسيرة، يبدأ الكتاب في مقدمته بتعريف الترجمة ويخص بالتعريف الترجمة الجيدة وما يميزها عن الترجمة الحرفية للنص، ويرجع الكتاب في الفصل الأول بالقارئ إلى تاريخ الترجمة في لمحة سريعة لأبرز المحطات التاريخية من الحضارة المصرية القديمة مرورًا بالحضارة العربية والإسلامية في صدر الإسلام وفي العصرين الأموي والعباسي لينتقل بعدها إلى العصر الحديث مع دخول الحملة الفرنسية إلى مصر ثم يأتي الحديث عن ماهية الترجمة باعتبارها فنًا تطبيقيًا يحتاج المتبحر فيه إلى امتلاك الأدوات المهنية التي تؤهله لإتقانه، ويشير بعدها إلى أهمية الترجمة ويشرح إستراتيجيتها ويبين دور المترجم وأهم المتطلبات الأساسية التي يجب توافرها في المترجم الكفء، ومنها ينتقل الحديث اليسير الموجز إلى نوعي الترجمة التحريرية والشفهية وأقسام النوع الأخير الثلاثة (المنظورة والتتبعية والفورية)، ثم يسرد مستويات التحليل اللغوية من المعنى المعجمي إلى النصي إلى السياقي إلى الإيحائي، ثم يستعرض أساليب الترجمة وشكليْ الخروج عن القياس في اللغة، ويطرح السؤال الأزلي الأبدي عن ماهية الترجمة من حيث كونها فنًا أم علمًا، ليختتم بعدها الفصل الأول بشرح قواعد الترجمة.. ومن الحديث عن ماهية الترجمة وكيفيتها في الفصل الأول إلى الحديث عن صعوبات الترجمة ومشاكلها في الفصل الثاني، يبدأها بالحديث عن إشكالية اختيار المعنى الملائم والاختلاف الثقافي أو البيئي واستخدام الكلمة والتذكير والتأنيث وإشكالية ترجمة العدد والزمن والفعل في اللغتين العربية والإنجليزية ثم إشكالية توافق الكلمات أو ما يُعرف بالمتصاحبات اللفظية ثم التعبيرات الاصطلاحية والاختصارات والأسماء المُركّبة والزوائد من سوابق ولواحق وعلامات الوقف أو الترقيم ثم يختتم الفصل الثاني بإشكالية ترجمة الأسلوب، ويختتم بعدها الكتاب بملاحق عن أكثر المفردات الإنجليزية شيوعًا وكلمات متشابهة في اللفظ مختلفة في المعنى وأخرى متشابهة في الكتابة مختلفة في المعنى مع اختلاف معاني بعض المفردات في الإنجليزية البريطانية عنها في الإنجليزية الأمريكية وملحق للمهن والجنسيات وبعض المصطلحات الدولية.

سطور من الكتاب

"يُعرِّف Forster الترجمة الجيدة على أنها "الترجمة التي تفي بنفس الغرض في اللغة الجديدة مثلما فعل الغرض الأصلي في اللغة التي كُتب بها" ويطالب معظم علماء الترجمة بالاهتمام بالمعنى، وليس بالمفردات اللغوية؛ ذلك أن المعنى الحرفي يقتل الترجمة، ولكن روح المعنى يمنحها الحياة، ويرى Goodspeed  أن أفضل التراجم هي تلك الترجمة التي تجعل القارئ ينسى مطلقًا أنها ترجمة.. ولا يُعد هذا الأمر في الواقع أمرًا سهلًا في تنفيذه، ولكنه رغم ذلك يُعد المهمة التي يجب أن يلتزم بها أي مترجم جاد في عمله، وفي هذا يقول Prochazka إن "الترجمة يجب أن تُحدث في ذهن القارئ نفس الانطباع الذي يحققه انطباع النص الأصلي على قرائه."

بطاقة التعريف بالكتاب

الكتاب: كيف تترجم باحتراف

الكاتب: الحسيني الحسيني معدي

عدد الصفحات: 224 صفحة

دار النشر: دار الحرم للتراث



الحماية المدنية للترجمة

نبذة عن الكتاب

ندر أن تجد في المكتبة العربية كتابًا يتحدث عن قانونية الترجمة وما يواجه المترجم من إشكاليات قانونية في نطاق عمله، ولعل هذه من أبرز الصعوبات التي واجهت مؤلف كتاب "الحماية المدنية للترجمة" نظرًا لندرة الدراسات القانونية المتعمقة في هذا الموضوع والتي لا تتجاوز بضعة صفحات متناثرة من هنا وهناك بين مصادر الملكية الأدبية والفنية وحتى الفكرية، فضلًا عن ندرة القراءات القضائية في ساحة القضاء العربي عامة والفرنسي والمصري والعراقي على وجه الخصوص، ومن هنا جاءت فكرة الكاتب في وضع ما يسد به حاجة المكتبة العربية لمثل هذا النوع الذي قلما خاض فيه الكتَّاب والباحثون والدارسون قياسًا على أحكام حق المؤلف.

منهج الكتاب

الكتاب عبارة عن دراسة بحثية تأصيلية لقانونية الترجمة مقارنة بتشريعات حق المؤلف من واقع حقوق الملكية الفكرية في التشريعات القانونية باعتبار الترجمة نوعًا من الإبداع الذهني الذي يكفل لصاحبه الكثير من الحقوق القانونية المدنية مقارنة بحقوق المؤلف.

استعراض لفصول الكتاب

خصَّص الكاتب الفصل الأول لدراسة التأصيل القانوني للترجمة في مبحثين بدأهما بالمفهوم القانوني للترجمة مع بيان التعريفين اللغوي والاصطلاحي للترجمة ثم تمييز الترجمة عما يشتبه بها من أوضاع فميز بينها وبين التعريب ثم ميّزها عن الخبرة القضائية وتناول الحديث بعدها عن الشروط القانونية لاعتبار الترجمة تأليفًا وقسّمها إلى شرط موضوعي من حيث كون الترجمة مصنفًا مشتقًا وشرط شكلي باعتبارها قالبًا للأفكار وتجسيدًا ماديًا للمُصنَّف المُترجَم في صورة مادية، ثم تناول الحديث في المبحث الثاني عن الطبيعة القانونية للترجمة موضحًا موقف الفقه الإسلامي من حقوق التأليف والترجمة بين الرافضين والمؤيدين بأدلة كلٍ منهما ثم عمد إلى تقويم الآراء بترجيح الرأي القائل بأحقية المترجم في الانتفاع بنتاج عمله الإبداعي الذهني، ومن موقف الفقه الإسلامي ينتقل بنا المؤلف بعدها إلى موقف الفقه القانوني مع استعراض النظريات القانونية المختلفة وثيقة الصلة بنطاق البحث مثل النظرية الشخصية ونظرية الملكية ونظرية الحقوق الفكرية ونظرية الازدواج أعقبه بتقويم للآراء القانونية في كل نظرية منها مع ترجيح الآراء.. وفي الفصل الثاني من الكتاب يتناول في المبحث الأول الحديث عن ماهية الُمصنَّف المُترجَم وحمايته مكانيًا وزمانيًا موضحًا المُصنَّفات المُترجَمة المشمولة بالحماية المكتوبة منها والشفهية فضلًا عن المصنفات الحديثة قبل أن يفرد الحديث عن المُصنَّفات متعددة المترجمين والمصنفات المستثناة من الحماية سواء أكانت للاستعمال الشخصي أو العام، وفي المبحث الثاني يسهب الشرح في الحماية المكانية والزمانية للمُصنَّف المُترجَم مرورًا ببدء مدد الحماية وسريانها ومدد الحماية القانونية الأصلية والاستثنائية.. وفي الفصل الثالث يتناول بالتفصيل الحديث في المبحث الأول عن حقوق المترجم الأدبية والمالية، وفي المبحث الثاني واجبات المترجم والتزاماته الشكلية والموضوعية، وفي الفصل الرابع والأخير يتناول الحديث عن الوسائل المدنية لحماية الترجمة موضحًا في المبحث الأول أنواع الاعتداء على حقوق المترجم المالية والأدبية، وفي المبحث الثاني الوسائل الاحترازية لحماية الترجمة ومنها الإيداع القانوني للمُصنَّفات المُترجَمة والإجراءات التحفظية وشروطها وضماناتها والتعويض المدني للمترجم باعتبار مكانة المترجم الثقافية والعلمية وقيمة المُصنَّف المُترجَم ونوعه، ليختتم بعدها المؤلف كتابه باستنتاجات ومقترحات قيِّمة لضمان تحقيق الحماية المدنية للترجمة.

سطور من الكتاب

"وبما أن الترجمة تُعد من صور المُصنَّفات المُشتقة؛ لذا لا بد لصحة الترجمة من توافر شروط المُصنَّفات المشتقة؛ ومنها:

1.       استناد المُصنَّف المُترجَّم على مصنفٍ سابق الوجود عليه؛ فعملية نقل المُصنَّف السابق من لغته إلى لغة أخرى غير اللغة التي أُخرج بها للوجود تجسّد عملية الدمج الفكري الذي لا يقف عند حد النقل أو الاقتباس المادي البحت، بل يتعداه إلى إحلال لغة محل لغة أخرى؛ فهذه اللغة هي التي يعكس من خلالها مؤلف المُصنَّف المُترجَم أفكاره وإبداعاته الفكرية من خلال الدقة والصياغة التي تجسّد مضمون المُصنَّف الأصلي دون أي خرق لأفكار أو إبداعات المؤلف الأصلي.

2.       عدم مساهمة مؤلف المُصنَّف الأصلي بالمُصنَّف المُترجَم، وهذا الشرط من الأمور الجوهرية البديهية التي لا بد من توافرها في المُصنَّف المُترجَم كونه من أبرز صور المُصنَّفات المشتقة، كون أي مساهمة أو مشاركة من جانب مؤلف المُصنَّف الأصلي بإخراج المُصنَّف المُترجَم للوجود المادي أو إيداعه، يخرج بالمُصنَّف المُترجَم من نطاق المُصنَّفات المشتقة ليدخله في إطار المُصنَّفات المشتركة، ولهذا النوع الأخير أحكام تختلف تمام الاختلاف عن أحكام المُصنَّفات المشتقة.

3.       ألا تؤدي الترجمة إلى الإخلال أو المساس بحقوق المؤلف الأصلي وبمضمونه، كون الترجمة من أهم الحقوق الاستئثارية والمالية التي لا يكون الحق فيها إلا للمؤلف الأصلي، فله حصريًا حق التنازل عنها للغير كغيرها من الحقوق المالية، وله على هذا الأساس حق الدفاع عن أي تعديل أو حذف أو تغير في مضمون مُصنَّفه ما لم يكن ذلك بأذنٍ منه أو من ورثته حصريًا، لذا لا بد من حصول المُترجِم على إذن بترجمة المُصنَّف أو ترخيص يُجيز له القيام بهذه الترجمة دون أن يمس ذلك بحقوق المؤلف الأصلي."


بطاقة التعريف بالكتاب

الكتاب: الحماية المدنية للترجمة.. دراسة مقارنة بتشريعات حق المؤلف

الكاتب: زياد طارق جاسم آل بنيان الراوي

عدد الصفحات: 320 صفحة

دار النشر: دار الكتب القانونية – دار شتات للنشر والبرمجيات



السبت، 22 يناير 2022

القرار السليم

 - متى تتيقن أن قرارك سليم؟

= حين تدلك كل الشواهد عليه وتدفعك كل الأحداث إليه وتتحقق به المصلحة يقينًا وتتوفر لديك السيناريوهات والبدائل الكافية للتعامل مع تبعاته.



 

السبت، 15 يناير 2022

حكمة الموت

علق في ذهن الانسان منذ بدء الخليقة وفي عقله اللاواعي وفي وجدانه من قديم الأزل أن الموت مما تنفر النفس منه ومن ذكر ذلك الضيف الثقيل الذي يزور كلَ حيّ في حينه، فيفرِّق بين الأحباب ويغيِّب المرء تحت التراب، رغم أنه حقيقة واقعة لا ينكرها أحدٌ إن لم تكن هي الحقيقة الوحيدة المؤكدة التي لا يختلف عليها اثنان بين جميع البشر على اختلاف أفكارهم وثقافاتهم ومعتقداتهم؛ إلا أن النفس دائمًا ما تحيد عنه، الأمر الذي أشار إليه الحقُ في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾.

ذات يومٍ طالعتُ قصة أسطورية رمزية قصيرة تحكي في خلاصتها أن رجلًا نظر إلى ما في الكون من حوله فوجد أن كل المخلوقات التي خُلقت مُسخَّرة من أجله من أجرام وأفلاك وكائنات وأشجار وأحجار وبحار وأنهار ودوآب تحيا حياة أطول منه على هذه الأرض، فتعجب وتمنى أن يكون له عمرًا مديدًا يشبه عمر النسور، وبالفعل تحققت له تلك الأمنية وعاش حتى طال به العمر ومضى به الزمان وتعاقبت عليه الأجيال ووارى الموتُ جميع أفراد أهله وأصحابه وأحبابه وأقرانه ومعارفه، حتى لم يعد له منهم من أحد يشاركه أفكاره وآماله وأفراحه وأحزانه وهمومه، وبتعاقب الأجيال عليه نشأت أجيال لم يستطع أن يتفاهم أو يتعايش معها لما بينه وبينها من أعمار ورؤى وأفكار وطموحات وآمال وخبرات وتجارب وعادات وتقاليد مختلفة عنه تمام الاختلاف، وإذا بالسنوات تمر عليه مرورًا ثقيلًا حتى رأى أن حياته قد أصبحت حياة تعيسة مملة، وبات ذاك الحالم بعمر النسور ينتظر الموت بلهفة ليخلِّصه من مشاعر الوحدة والغربة والوَحشة هذه ويتمنى حينها أن لو كان قد رحل مع مَنْ رحلوا، وعندئذٍ يدرك أن الموت سنة كونية ورحمة إلهية بالإنسان؛ مَنْ عرف الحكمة منه أدرك حقيقةً قيمة الحياة، وأدرك أن السعادة الحقيقية لا تُقاس بطول العمر بقدر ما تكمن في أن يحيا الإنسان حياة طيبة كريمة يستمتع فيها بكل لحظة من عمره بين أحبابه ويقدِّم فيها من العمل ما ينفع به نفسه وما يخدم به مجتمعه وما يورّثه من نافع العلوم وقيِّم الأعمال للأجيال من بعده ليترك في هذه الحياة بصمته المميزة وسيرته الحسنة وعمله القيِّم قبل رحيله؛ فكم من الأحياء مَنْ يعيشون بين الناس أمواتًا، وكم من الأموات مَنْ رحلوا بأجسادهم وتبقى سيرتهم الطيبة وأعمالهم القيِّمة حية بين الناس ينتفعون بها جيلًا بعد جيل فتخلد معها أسماؤهم وتبقى في الذاكرة سيرهم.

 ومن المنظور الديني عامة والإسلامي خاصة، فما الموت إلا مرحلة انتقالية من مراحل تطور الإنسان كما تطور خلقه من تراب إلى صلصال إلى جسد مكتمل الهيئة قبل أن تُنفخ فيه الروح: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾، وكما ينتقل الإنسان خلال مراحل تكوينه جنينًا في بطن أمه من نطفة إلى علقة إلى مضغة حتى يخرج من حياته الانتقالية هذه إلى حياة انتقالية أخرى، يرتقي بعدها من طور الطفولة إلى الصبا إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وبالمثل، ينتقل بعدها من حياته الدنيوية هذه إلى حياة انتقالية أخرى لا يهابها إلا لأنها لا تزال تمثل له المجهول الذي لا يعلم عنه شيئًا بعدُ حتى يلقاه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *‏ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ﴾.