• إن إدارة الوقت التقليدية تهتم بالزمن الخارجي، وهذا الزمن تراكمي يحسب بالثواني والدقائق والساعات وهو غير ذي قيمة، فالدقيقة هنا لا تساوى أكثر من 60 ثانية، والساعة _ من هذا المنظور _ تتحكم في حياتنا. مع أن هذا الزمن الخارجي أو التتابعي لا يعكس الخبرات التي عرفتها الثقافات والحضارات الإنسانية. هنا يُعد الوقت خبرة حياتية ذات معنى. فالوقت شيء نعيشه كمورد إنساني ونجنى من لحظاته فوائد معينة، فعندما نسأل: "هل قضيت وقتاً طيباً؟" فنحن لا نسأل عن الوقت المتتابع، بل نسأل عن قيمته، ولا نسأل عن الوقت الخارجي، بل نسأل عن الإحساس به. فالزمن الداخلي هو الزمن الخارجي بالإضافة إلى قيمته.
• إن الإلحاح ليس مشكلة في ذاته، لكن عندما يسيطر الإلحاح فإنه يدوس الأولويات في طريقه، وهكذا يصبح العمل الملح هو العمل الوحيد، وندخل في دوامة من النشاطات المتتابعة أو في حلقة مفرغة، فلا نتوقف لحظة لنسأل عما إذا كان ما نفعله هو فعلا ما يجب فعله.
• من مفاتيح التعامل مع المهم _ إنجاز الأولويات أولاً _ أن نرتب حياتنا حول الأولويات. ويتكون نظام المربع الثاني من 6 خطوات أساسية تحتاج إلى استثمار 30 دقيقة كل أسبوع تساعدنا على أن نحيا حياة فعالة وأن نترك ذكريات طيبة، منطلقين من الحاجات ومرتكزين على المبادئ والهبات الإلهية والفطرة الإنسانية، ويبدأ هذا النظام بقائمة عمل أسبوعية، فالتخطيط اليومي يقدم رؤية محدودة ويسلط أنظارنا على الملح. أما التخطيط الأسبوعي فيوفر مجال أوسع ويجعلنا أقدر على تقييم النشاطات اليومية وتحديد مدى انسجامها مع نظرتنا الكلية.
• بالنسبة لكل دور من أدوارك، اسأل نفسك: ما أهم شيء يمكنني عمله هذا الأسبوع لتحقيق أفضل النتائج؟ ثم حكم عقلك وقلبك. أي ركز على البوصلة بدلاً من الساعة، وركز على المهم وليس على الملح. بالنسبة لدورك في تنمية نفسك يمكن أن تقرر حضور دورة تدريبية في تسريع القراءة أو تعلم لغة أجنبية، وبالنسبة لدورك كأب قد تقرر زيارة المدرسة والاطمئنان على مستوى أولادك، وبالنسبة لدورك كمدير يمكنك زيارة عميل أو تدريب أحد موظفيك. ودائماً يمكنك اختيار أكثر من هدف لكل دور. ويمكن أحيانا تحديد هدفين لدور معين وعدم تحديد أهداف لبعض الأدوار، وفي كل الأحوال استرشد بالبوصلة في داخلك وليس بالساعة في معصمك.
• عندما تسأل: ماذا أريد؟ ولماذا أريد ذلك؟ وكيف أحقق ما أريد؟ فإن السؤال الأول يبقينا على الطريق الصحيح وهو طريق الإنجاز والمشاركة، أما السؤال الثاني فيعرفنا على الدافع النبيل الكامن وراء إرادتنا، أما السؤال الثالث فيحدد لنا المسار ويجعلنا نستخدم البوصلة الموجهة بالمبادئ. ولأن تحقيق الأهداف يقتضي أن نتعامل مع الآخرين، فإن البوصلة الداخلية (الضمير) تجعلنا نبحث عن علاقات بناءة مع الجميع وأن نتعامل برغبة حقيقية في توفير حياة ذات قيمة للجميع.
• مع الرسالة والأدوار والأهداف في ذهنك، يمكنك البدء بتخطيط أسبوع العمل. وبدلاً من وضع أولويات لجدول الأعمال، جدول الأولويات فقط. ومن الأولى أن تجدول أولويات الأسبوع بأكمله بحيث توفق بين ما هو ملح وما هو مهم من ناحية، وبين الأنشطة والمهام والأهداف من ناحية أخرى.. أما التخطيط يوم بيوم يضطرك للاهتمام بالملح وعدم الاهتمام بالمهم.
كيف تملأ الجرة؟
- دخل المدرب قاعة التدريب، ووضع الجرة في وسط القاعة، وقال للمتدربين: سنتدرب الآن على وضع خطة أسبوعية للعمل. فهذه الجرة تمثل أسبوعاً كاملاً وسنحاول ملأها بطريقة منطقية وعملية... أخرج المدرب كيساً كبيراً مليئاً بقطع الصخور المتباينة الأحجام والأشكال، وأخذ يلقى بالقطع داخل الجرة حتى بدأت تتساقط على الأجناب، حاول المدرب زحزحة الصخور في الداخل فهز الجرة بشدة، ولكنه لم يستطع إدخال المزيد... وهنا سأل المتدربين: هل امتلأت الجرة؟ فأجابوا بصوت واحد: نعم... هز المدرب رأسه نافياً، وقال: ليس بعد... ثم أخرج كيساً متوسطاً مليئاً بالحصى، وبدأ يلقى بقطع الحصى الصغيرة داخل الجرة فتستقر في الفراغات بين قطع الصخور الكبيرة، وعندما فاضت الجرة بالحصى، سأل: هل امتلأت الجرة؟ فرد المتدربون بصوت واحد: لا... ابتسم المدرب، وأخرج كيساً صغيراً مليئاً بالرمل الناعم، وبدأ يسكب الرمل في الجرة، فتتسلل حبات الرمل الناعمة بين الحصى وقطع الصخور لتملأ كل الفراغات المتبقية، وعندما فاضت الجرة بالرمل، سأل المدرب المتدربين: هل امتلأت الجرة؟ فرد الجميع: نعم.
ابتسم المدرب مرة أخرى، وقال: قطع الصخور الكبيرة هي الأولويات.. وقطع الحصى المتوسطة هي الأعمال الملحة.. وحبات الرمل هي الأعمال الصغيرة التي تهم الآخرين.