الخميس، 21 نوفمبر 2019

المترجم البشري أمام تحدي الترجمة الآلية

في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وتحديدًا عام 1954 نجح جورج تاون في تجربته ووضع حجر الأساس في الترجمة الآلية في أولى تجاربها الناجحة بين اللغتين الروسية والإنجليزية، وسرعان ما تدفقت الأموال الطائلة لدعم هذا المشروع الذي سيغير من النظرة التقليدية للترجمة وأخذ العديد من رجال الأعمال في تمويله بل وتحملت الحكومة الأمريكية نفسها تمويل هذا المشروع، وظن مطورو الترجمة الآلية حينها أن الاستغناء عن العنصر البشري في الترجمة بات وشيكًا، وما هي إلا سنوات قليلة حتى تراجعت تلك الآمال الكبرى وأخفقت هذه التوقعات الحالمة بعد أن ثبت للجميع بالدليل القاطع بعد مضي عشر سنوات على تجربة جورج تاون أن الاستغناء عن العنصر البشري في مجال الترجمة أمر مستحيل؛ وما أشبه الليلة بالبارحة مع تباين التفاصيل وتطور الآليات غير أنه على المترجم المحترف الذي يدرك قيمة صنعته أن يتسلح بما يعينه على تطويع تلك الآليات لتكون سلاحًا في يده لا سلاحًا ضده.

فعملية الترجمة نفسها عملية ذهنية بالغة التعقيد ولا تقدر عليها إلا تلك المعجزة الإلهية المتمثلة في العقل البشري الذي صنعه الخالق من مليارات الخلايا المعقدة فأبدع في صنعته، ولن تتفوق صنعة المخلوق على صنعة الخالق "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ"